البدايه عدد خاص من سلسلة رجل المستحيل هل قراته؟؟؟

- الختام

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فجأة ألقى (أدهم) الشاب ثقله إلى مؤخرة دراجته ، و رفع عجلتها الأمامية بحركة بارعة ، و واصل انطلاقته بها على عجلتها الخلفية فقط ..

تلك المبادرة المباغتة أطاشت رصاصة القناص ، التى عبرت بين ذراعه و جانبه ، و واصلت طريقها ، لترتطم بالزجاج الأمامى لسيارة الأمن الثانية ، مما أثار هلع و ذعر ركابها ..

و قبل أن يفيقوا من انفعالهم وثب (أدهم) بدراجته على مقدمة سيارتهم ، و منها إلى سقفها ، ثم إلى مؤخرتها ، قبل أن يثب بها نحو السيارة التالية ، و يواصل انطلاقه فوق السيارات ، المتوقفة فى صف طويل ..

و بكل ثورته صرخ (ديمترى) هذه المرة فى رجاله :

- ماذا أصابكم؟!.. إنه مجرد صبى!!! هل تعجزون كلكم عن اللحاق بصبي واحد؟!

همهم مساعده فى حنق :

- ليس صبياً .. إنه شيطان .

استدار إليه (ديمترى) قائلاً فى غضب :

- لا وجود للشيطان .

احتقن وجه مساعده ، و غمغم فى سرعة و ارتباك :

- أعنى أنه أشبه ما يصفون به الشيطان ، فى الكتب البدائية .

رمقه (ديمترى) بنظرة صارمة ، و سيارتهم تنحرف خلف (أدهم) فى سرعة كبيرة ، إلى حى السفارات ، الذى بلغه هذا الأخير ، و أصبح ينطلق عبره بدراجته فى سرعة كبيرة ..

كانت السيارتان المتبقيتان تقتربان منه فى سرعة ، و هو يقود دراجته ..

أسرع ..

و أسرع ..

و أسرع ..

و لكن السيارات واصلت اقترابها بسرعة مخيفة ..

و لوهلة ، تصور (ديمترى) أن الأمر قد أنحسم ، و أن المطاردة المرهقة ستضع أوزارها حتماً ، فى هذا الحي الهادئ الخالي الذى يمتد لمسافة قصيرة للغاية ..

و لكن فجأة ، انحرف (أدهم) بالدراجة ، فى حركة حادة ، ليثب فوق الإفريز ، و ينطلق بها نحو فراغ ضيق للغاية ، بين مبنيين ..

و هنا و بمنتهى الغضب و السخط صرخ (ديمترى) فى ركاب السيارة الثانية عبر اللاسلكى :

- ابقوا هنا ، سنلحق به عند الطرف الآخر .

كان مضطراً للدوران بسيارته حول المبنى كله ، لبلوغ الطرف الآخر من ذلك الممر الضيق ، مما أضاع نصف دقيقة كاملة ..

و كانت ثلاثين ثانية ثمينة للغاية ..

فعندما بلغت سيارته الطرف الآخر للممر ، كانت دراجة (أدهم) ملقاة هناك ، أما هو فلم يكن له أثر..

أدنى أثر ..

و بكل ضيق الدنيا غادر (ديمترى) سيارته ، و هو يحمل مسدسه و تلفت حوله فى عصبية ، قبل أن يصرخ فى ثورة :

- ابحثوا عنه .. حاصروا المنطقة كلها .. فتشوا كل مبنى غير دبلوماسي .. افعلوا أى شيء .. أريده بأى ثمن .. هل تسمعون .. بأى ثمن .

عض شفته السفلى ، حتى كاد يدميها ، قبل أن يغمغم فى حنق بلا حدود :

- سنلتقي مرة أخرى أيها الصبى .. أقسم لك إننا سنلتقي .

لم يدر لحظتها كم كانت عبارته صادقة ..

لم يدر قط(*)

* * *

حدق السفير فى وجه (صبرى) فى دهشة ، و هو يقول مستنكراً :

- أى قول هذا بالضبط؟!

أجابه (صبرى) فى حزم :

- القول العقلى و المنطقي يا سيادة السفير .. (قدري) خامة ممتازة و موهبة لا يمكن التغاضي عنها ، و إما أن نظفر نحن به ، أو يظفر به غيرنا .

هتف السفير :

- هذا لا يبرر ضمه إلى المخابرات .

هز (صبرى) رأسه مجيباً :

- على العكس .. موهبته ستساعد كثيراً ، فى تطوير القسم الفني ، و وجوده بين صفوفنا سيمنحنا مزية كبيرة .

و صمت لحظة قبل أن يضيف :

- ثم إننا بحاجة إليه الآن بالفعل .

انتفض السفير ، و هو يسأله مستنكراً :

- فى حاجة إليه؟!.. كيف؟!

أجابه فى سرعة :

- بعد مواجهة (أدهم) مع رجال الأمن هنا ، على هذا النحو السافر ، سيصبح خروجه من الاتحاد السوفيتي أمراً صعباً للغاية ، إذ ستملأ صورته الطرقات و المحال العامة ، و المطار بالتحديد ، لذا فأول ما ينبغى أن نفعله ، لإخراجه من هنا هو تبديل هيئته .

غمغم السفير فى عصبية :

- هذا ليس بالأمر السهل .

ابتسم (صبرى) و قال :

- يتصادف أن (أدهم) يتقن فن التنكر إلى حد مدهش ، و يتصادف أيضاً أننى أحمل فى حافظتي عدة صور له ، فى هيئات مختلفة .

مال السفير إلى الأمام ، و هو يقول فى عصبية :

- هذا قد يساعدنا على استخراج جواز سفر جديد له ، بهيئته التى تتحدث عنها ، و لكن ماذا عن تأشيرات دخول الاتحاد السوفيتي .

أشار (صبرى) بيده قائلاً :

- هنا يأتي دور (قدري) .

فهم السفير ما يعنيه (صبرى) فتراجع فى عصبية ، قبل أن يقول فى شيء من الحدة :

- ألا ترى أن هذا حديث سابق لأوانه؟!.. أنسيت أن ابنك لم ينجح فى المواجهة ، و لم يعد بعد .

لم يكد ينطق عبارته ، حتى انفتح باب حجرته ، و ظهر على عتبته (أدهم) و الإرهاق محفور على ملامحه ، و هو يغمغم :

- معذرة يا أبى .. لقد أخطأت .

لا أحد فى الدنيا يمكن أن يشرح مشاعر (صبرى) فى تلك اللحظة ، و هو يستدير فى لهفة ، و ينظر إلى ابنه ..

كانت مزيجاً مدهشاً ، من الفرح ، و اللهفة ، و الارتياح ، و السعادة ، و الفخر و الإعجاب ..

و من أعمق أعماقه ، تمنى لو يندفع نحوه ، و يحتويه بين ذراعيه ، و يغمره بالقبلات ، إلا أنه استنفر كل رجل المخابرات فى أعماقه ، ليتماسك بقوة ، و يسيطر على مشاعره و صوته ، و هو يسأله:

- كيف كانت رحلتك الميدانية الأولى؟!

أجابه (أدهم) بزفرة طويلة ، أعقبها قوله :

- مرهقة .

نقل السفير بصره بينهما فى دهشة ، قبل أن يهتف بـ(أدهم) :

- كيف دخلت إلى هنا؟!

أجابه (أدهم) محاولاً تهدئته :

- معذرة يا سيادة السفير ، كان ينبغى أن أطرق الباب أولاً ، و...

قاطعه السفير فى حدة :

- كيف دخلت السفارة؟!

أجابه فى سرعة :

- اطمئن .. لم يشعر أحد بدخولي قط .

هتف السفير :

- حتى رجال الأمن؟!

تردد (أدهم) لحظة قبل أن يجيب :

- ليس ذنبهم .. لقد تدربت على هذا .

هب السفير من مقعده ، و اندفع خارجاً ، و هو يهتف فى حنق :

- و هذا يعنى أنهم يستحقون العقاب .

ابتسم (صبرى) و اقترب من ابنه ، و ربت على كتفه فى فخر ، و قد أدرك ، فى هذه اللحظة فقط أن حلم عمره قد تحقق ..

على أكمل وجه ..

* * *

قطم (قدري) قطمه كبيرة ، من الشطيرة الساخنة فى يده ، و هو يناول (أدهم) جواز سفر جديد ، قائلاً :

- تفضل يا صديقي ، كل شيء يبدو طبيعياً .. أتعشم أن تنجح فى خداع السوفيت .

ألقى (أدهم) نظرة على عمله المتقن ، و قال :

- أنا واثق من أنها ستفعل .

ربت (صبرى) على كتف ابنه ، و قال مبتسماً :

- طائرتك ستقلع بعد ساعتين من الآن ، و هذا يعنى حتمية ذهابك إلى المطار فوراً .

أومأ (أدهم) برأسه إيجاباً ، و التفت إلى (قدري) يصافحه ، قائلاً :

- أشكرك يا صديقي .. أتمنى أن نلتقي مرة أخرى فى المستقبل ، لأعبر لك عن امتنانى بما فعلت .

ابتسم (صبرى) ، و ربت عليهما معاً ، قائلاً :

- اطمئن .. لو سارت الأمور كما أخطط لها ، فستلتقيان كثيراً فى المستقبل إن شاء الله .

كانت كلماته أشبه بنبوءة ..

نبوءة تنهى الفصل الأول من أسطورة طويلة خالدة ..

أسطورة ستحمل اسماً فريداً ، وسط أساطير التاريخ ..

اسم (رجل المستحيل) ..

مشكور عاشق موضوع متميز وطرح رائع

مشكور على الموضوع الجميل ده .........وردة الشرق

ميرسى كتير ليك

البدايه عدد خاص من سلسلة رجل المستحيل هل قراته؟؟؟ - صفحة 2 592625

ميرسى على الموضوع

شكرا على الموضوع الجميل