الحمد لله ... قتل ابني !!
الحمد لله ... استشهد ابني !
من يستطيع ذلك ؟
من يصبر عند الصدمة الأولى ؟
من يتصبّر فيقول عند نزول المصيبة وحلول الكارثة ( إنا لله وإنا إليه راجعون) .
قليل ما هم .................
لما مر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة تبكي عند قبر ، فقال : اتقي الله واصبري . قالت : إليك عني ! فإنك لم تصب بمصيبتي ، ولم تعرفه فقيل لها : إنه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين ، فقالت : لم أعرفك ، فقال : إنما الصبر عند الصدمة الأولى . رواه البخاري ومسلم .
هل تأملت العنوان ؟
الحمد لله ...استشهد ابني !
أهذا موطن من مواطن الحمد ؟
أيكون الحمد على المصيبة ؟
فقد ثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ومن يتصبر يصبره الله وما أعطي أحدٌ عطاء خيرا وأوسع من الصبر .
ومما يُخفف من وقع المصيبة أن يتأمل العبد في ذلك الميت :
فإن كان صغيرا فربما كان في موته خير له ولوالديه إذا احتسبا الأجر
وربما كان في موته خير لوالديه .
كيف ذلك ؟
تأمل قصة موسى مع الخضر – عليهما السلام – كيف قتل الخضر غلاما صغيرا حتى قال موسى : ( أقتلت نفسا زكية ) ؟
لكن ما خفي على موسى عليه الصلاة والسلام وأظهره الله للخضر هو حقيقة ذلك الطفل لو عاش .
قال عليه الصلاة والسلام : إن الغلام الذي قتله الخضر طـُبِـعَ كافرا ، ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا . متفق عليه .
وهذا ما خشيه الخضر : ( فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا * فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما
وهذا من لطف الله بعباده ، أن خلـّـص أبويه منه حتى لا يُرهقهما طغيانا وكفراً بالله ، بل أبدلهما خيرا منه وأزكى ، وقد ورد أنه سبحانه أبدلهما به وخلف عليهما جارية ولدت نبياً أو أنبياء .
فسبحان من بيده ملكوت كل شيء ...
كم في طيّات الأمور من ألطاف اللطيف الخبير ؟
وكم هي العـِـبَر التي سُتِرت عن العباد ...
ولو كُشِفت لهم حجب الغيب لعلموا علم يقين أن الله أرحم بالعباد من أمهاتهم .
ولأدركوا أن المصائب مِحَنٌ في طيّـها منح ٌ.
وصدق الله :
( لا تحسبوه شراً لكم)
قواعد في تخفيف المصائب :-
1. أن تعلم أنه لا يحدث في الكون من تحرك ذرة أو هبوب نسمة إلا بعلم الله وقدره.
2. أن توقن بأن الله - تعالى - أرحم بك من نفسك.
3. أن تستيقن أن الله لا يريد لعبده إلا الخير والصلاح.
4. أن تعلم أن المحن في طياتها منح قال - تعالى - {اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ} (الشورى: من الآية19) وقال: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} (النساء: من الآية19)5. أن لا يغيب عن بالك أن مصائبنا بسبب ذنوبنا وتقصيرنا في طاعة الله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (الشورى:30)، فأصلح ما بينك وبين الله يصلح الله ما بينك وبين الناس.
6. واعلم أن المسلم رابح في كل حال: فما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا غمّ حتى وخزة الشوكة إلا كفر الله عنه به من خطاياه.
7. عليك أن تتذكر نعم الله عليك في نفسك خاصة، ومن ذلك أن تستحضر هذه النعم في جميع جوارحك واجل نظرك فيمن أصيب ممن حولك، كم يصرفون من الأموال ويذهبون من الأوقات وكم يسهرون ويتعبون في علاج أمراض، أنت في عافية منها.
8. تذكر من حولك من أهل المصائب الكبيرة والمشاكل المتعددة.
9. لا تنس أن الدنيا طبعت على كدر وأن من سره زمن ساءته أزمان.
طبعت على كدر وأنت تريدها *** صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها *** مستطلب في الماء جذوة نار