فلسطين..ماهية قضية...
نتحدث عن القضية الفلسطيني بصفتها القضية الأكثر جوهرية بين كل القضايا في المنطقة، لا أقول ذلك تحيزاً بل لأنها سبب تاريخي جوهري في كل ما تمر به منطقتنا العربية أو ما بات يسمى بـ"الشرق الأوسط"...
القضية الفلسطينية ذات أبعاد ولكل بعد منها قصص، ولكل قصة خفايا...
باختصار شديد ومنعاً للإطالة، لنعرّف بالقضية...
غالباً الكل يعرفها، ولكن لنتعمق أكثر لعل في التعمق فيها وصولاً لحقيقة أعمق..
القضية الفلسطينية ليست قضية قانونية لشخص او جماعة عالقة في المحاكم منذ سنين،
بل هي قضية ذات أبعاد تاريخية أقدم وأقدم...
القضية:
أرض محتلة
شعب مهجّر وهم لاجئون يرغبون في العودة دائماً
الآف الأسرى الفلسطينيين والعرب في السجون الإسرائيلية
دولة مغتصِبة مقامة على الأراضي الفلسطينية قبل عام 1948
الأراضي الفلسطينية المفصولة جغرافياً : الضفة الغربية وغزة
فصائل مقامة محارَبة بكل الأشكال والطرق
مقدسات إسلامية ومسيحية واقعة تحت خطر الهدم والاختفاء
ثقافة بأكملها تكاد تختفي تحت أنقاض شعب عاش ليقاوم
القضية مرت بمراحل عدة، تحركات حدة التغير... ولكن الواقع بقي على ماهو عليه...
وأحياناً كان نصراً ولو صغيراً ولكنه خطوة..
شطلت القضية في بادئ الأمر هاجساً عربياً، وملتقى يتلقي في الحديث عنه العربي من المحيط الى الخليج الى ان بدأت الأمور تضمحل، بسبب الواضع العربي المعاش والذي يتصف بالصعوبة دائماً...
أنا اعتبره صعوبة بسبب الورم السرطاني المسمى إسرائيل..
كيف قامت اسرائيل؟
نتسائل كثيراً عن سبب التأييد الغربي لإسرائيل ولكل ما تمارسه بحق الشعوب العربية منذ قرون...
لو عدنا للحقائق التاريخية السابقة سنجد أن اليهود كان مجموعات تعيش في مختلف دول أوروبا يمارسون الحياة الطبيعية...
الا أن الرغبة الأوروبية بالتخلص من أي أجناس دخيلة على المجتمعات الأوروبية والرغبة في ها صافية من الغرباء جعلت اليهود وغيرهم منبوذين هناك...
ازدادت الأمور سوءاً بعد المحرقة النازية لليهود، تم تضخيمها من أجل الحصول على المصالح الأوروبية التي كانت هي العظمى في ذلك الوقت، وطالبت الدول الكبرى بعد هزيمة المانيا النازية في الحرب بإيجاد وطن قومي لليهود...
بعد البحث المُسهب في الوثائق التاريخية وجدوا أن اليهود المفروض بهم التبعية الى سيدنا موسى لهم حق في الأرض الفلسطينية التي كانت ايامها جزءاً صغيراً جداً يكفي اليهود من "رجل أوروبا المريض" في إشارة تاريخية للسلطانية العثمانية التي كانت حينها في أضعف حالتها.
تم تجهيز كل الحملات الإعلامية وإقناع رجال الدين اليهود بالموضوع، وتم اختراع الوثائق التي تثبت أحقيتهم في أرض فلسطين.
التجهيز المادي الذي هو ليس بعسير على الدول العظمى كان جزءاً فعالاً في إنجاز المشروع، واستغلال الهولوكوست من أجل كسب أكبر عدد ممكن من اليهود المؤيدين للهجرة الى "أرض الأمل" او الميعاد الى "شعب الله المختار" المفترض طبعاً، كلها عوامل ساهمت في إنجاح المشروع لبناء الدولة العبرية.
في ظل كل هذه العوامل لم يكن صعباً أبداً عليهم بناء الدولة..
رغم المقاومة الفلسطينية الا ان عوامل أخرى عربياً يضيق المجال لتوضيحها وهي غالباً واضحة، الا ان المشروع الصهيوني في تهويد الأرض وفي التخلص الأوروبي من اليهود والضعف العربي نجح شئنا أن أبينا...
لسنا نشرح الأمر هنا لنتشائم، ولسنا نستذكر الأطروحات التاريخية حتى نيأس ونقف...
بل حتى نتعلم.. ونعلم ونتأكد وأن تترسخ لدينا العقيدة بأن اسرائيل حصلت على مرادها وقت ضعفنا ومنذ وقتها ونحن ضعفاء ولا تزال تضعفنا وباعتراف روسي أخيراً "اسرائيل تستخدم سياسة فرّق تسد بين الفلسطينيين"..
فلنتعلم من أخطاءنا...
وفعلاً لو كان لنا أن نتعلم من كل خطأ لكنا اليوم أسياد العالم...
لكنها غلطة من ذلك النوع... بألف غلطة...
المقاومة سبيل الخلاص...
في التاريخ الفلسطيني كانت النكبة وكانت النكسة، وفي كل مرة كان يلجأ ملايين الفلسطينيين لتستقر بهم السبل في مختلف الأماكن في العالم، وفي كل مرة كان موجة من الغضب والإحباط تجتاح المجتمع العربي...
ربما لها دور في هزيمة معنوية مسبقة ومضاعفة....
المهم بعد النكسة في عام 1976 بدأت المقاومة الفلطسطينية تجد في المقاومة المسلحة طريق الخلاص..
وهي قاعدة لا تزال صحيحة حتى اليوم ولا تزال معتمدة .. الا أن القيود تزداد لمنع المقاومة باختلاف فصائلها وتوجه كل فصيل منها..
العديد من العمليات المقاومية حصلت على تأييد الشعوب العربية وغيرها وغيرها لاقت شجباص بداعي التعرض للمدنيين..
من أبرز هذه العمليات المقاومية التي أثارت زوابع دولية:
عملية ميونخ 5/9/72
اختطاف الفريق الرياضي الإسرائيلي بالأولمبياد وتفجير الطائرة ، وقتلهم إثر معركة حامية، واستشهاد أفراد المجموعة بعد قتل كل الفريق وطاقم التدريب .
ومنذ ذلك الحين والمقاومة هي سبيل الشعب الفلسطيني للتحرير...
وقد شهدت القضية انتفاضتين شعبيتين أحدثتا أصداء واسعة جداً حول العالم، أصبح أبطالها رموزاً للتحرر في العالم كله، الأولى عام 1987، والثانية عام 2000م...
وسنحاول استعراض أبطال كل انتفاضة وما بينهما....
محمد الدرة.. بطل طفولي بكل براءة...
في30 سبتمبر 2000 كان محمد جمال الدرة خارجا مع أبيه في شارع صلاح الدين بين نتساريم وغزة، فدخلا منطقة فيها إطلاق نار عشوائي ، قام الأب بسرعة بالإحتماء مع ابنه خلف برميل ، استمر إطلاق النار ناحية الأب وابنه وحاول الأب الإشارة إلى مطلقي النار بالتوقف ، ولكن إطلاق النار استمر ناحية الأب وأبنه، وحاول الأب حماية ابنه من القصف ، ولكنه لم يستطع، اصابة عدة رصاصات جسم الأب والأبن، و سقط محمد الدرة في مشهد حي نقلته عدسة مصور وكالة الأنباء الفرنسية لجميع العالم.
منقول
